الْقُرْآنُ كِتَابُ السَّعَادَةِ
الْقُرْآنُ
كِتَابُ السَّعَادَةِ
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده
الذين اصطفى.
ثم أما بعد. . .
إن من
أجل نعمة الله على المسلمين، أن ينزل عليهم الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، بشيرا
ونذيرا، وهو كلام رب العالمين ومصدر سعادة العبد في الدارين. فالقرآن كتاب
السعادة، فمن أراد السعادة فلا سبيل إلا في القرآن الكريم.
قال الله عزَّ وجلَّ في سورة طـٰه : ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)﴾
هـٰذه الآيات من هـٰذه السورة العظيمة - سورة طـٰه - فيها بيان أنَّ القرآن الكريم
كتاب السَّعادة. ونزول القرآن على العبد لأجل سعادته. وقد قال الله في أول السورة
بقوله ﴿طه (1) مَا أَنْزَلْنَا
عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2)﴾ أي
إنَّما أنزلناه عليك لتسعد، فهو كتاب سعادة ؛ فمن كان من أهل القرآن فهو من أهل
السَّعادة ، ومن أعرض عن القرآن كان من أهل الشَّقاء. وقوله: ﴿ فَإِمَّا
يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا
يَشْقَى ﴾ نفيٌ للضَّلال ونفيٌ للشَّقاء، وفي هـٰذا النَّفي
إثباتٌ لضدِّ المنْفي، فنفيُ الضَّلال فيه ثبوت الهداية ، ونفيُ الشَّقاء فيه ثبوت
السَّعادة ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾
باتِّباع هدى الله عزَّ وجلَّ الهداية والسَّعادة
والهداية والسَّعادة أمران متلازمان وقرينان لا ينفكَّان ؛ فمن
كان مهتديًا فهو سعيد ، ومن كان ضالًّا فهو شقي، والشَّقاء قرين الضَّلال الذي لا
ينفكُّ عنه ، فمتى وُجِدَ الضَّلال وُجِدَ الشَّقاء، ومتى وُجدت الهداية وُجدت
السَّعادة .
ثم ذكر
الله في هذه الآية أن من أعرض عن ذكر الله ﴿فَإِنَّ
لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ يعني في الدُّنيا هنا يعيش عيشة
الضَّنك؛أي في حزن وهمٍّ وفي ضيقة صدرٍ ﴿
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ هذه
عقوبة أخروية بأن يحشر يوم القيامة أعمى
فعلى المسلم أن يحمد الله أنْ هداه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
للقرآن ، وأنْ منَّ عليه بمعرفة كتاب السَّعادة .وعلى المسلمين أن يداوم في تلاوة
القرآن، ويحفظ القرآن ويتبع هدايات القرآن فيكتب عند الله ممن يعتنى بالقرآن وليس ممن
يهجر القرآن.
اللَّهم إنَّا نسألك بأسمائك الحُسنى وصفاتك
العليا أن تكتب لنا حياة السُّعداء ، وأن تهيئ لنا من أمرنا رشدًا ، وأن تصلح لنا
شأننا كلَّه ، وأن لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، وأن تغفر لنا ولوالدينا
ولمشايخنا.
والله
تعالى أعلم ، وصلَّى الله وسلَّم على عبد الله ورسوله نبيِّنا محمَّد وآلِه وصحبه.
%%%%
Posting Komentar untuk "الْقُرْآنُ كِتَابُ السَّعَادَةِ"